في البدء لم تكن الكلمة مدونة ، وكان المؤمنون الأوائل يرون الأفكار قبل أختراع الكتابة ، وقد روى العبرانيون الأوائل الكثير من القصص وقد سجل منها الكثير في الكتاب المقدس .
لقد قص الاباء للابناء قصصهم وأخبار أجدادهم ، وقد قام إبراهيم نفسه بالقص لاولاده عن هجرته من أور في جنوب شرق العراق ودعوته للإله الواحد ، وبعد ذلك قام أبناءه أسحق ويعقوب بمواصلة هذا التقليد ، وبعد الهجرة إلى مصر تواصل التقليد بقص التراث للابناء.
يختلف القصص الديني اليهودي ، والذي أقتبسته المسيحية لاحقا ، عن قصة الخلق عن قصص "إنوماليش " البابلية والتي تحدثت عن قيام ألهة بالخلق ، بعدم وجود تعدد ألهة في الخلق تتصارع فيما بينها ، ثم قيام الإله مردوخ بالسيطرة على تلك الألهة ، حيث تتحدث عن الإله الواحد.
لقد كان القصص طريقة لحفظ تراث الشعوب ، وقد أصبح القصص بعد ذلك مهنة تمارس في الاجتماعات والاحتفالات العامة والدينية .
أستمر التقليد الشفهي لعدد من القرون وتمت إضافة القصص اللاحق عليه . وقد تم تسجيل بعض الاجزاء في البدء وأكتمل الكتاب لاحقا في القرن الأول الميلادي .
يحكي بعض القصص البابلي القديم عن الملك جلجاميش الذي كانت أمه أحدى الألهة وأبوه أنسان والذي كان يبحث عن الخلود بعد وفاة صديقه أنكيدو ، وقد فابل في رحلته للبحث عن الخلود شخص يدعى أوتنابشتم وقد أستطاع الوصول إلى الخلود عن طريق أعشاب تنمو في دلمون ، البحرين حاليا ، وقد قص أوتنابشتم رواية عن معاقبة الألهة الأرض بالطوفان ، وقد تكون الفكرة دخلت الأسطورة عن طريق حدث ما وقع في الماضي ، ثم سافر جلجاميش إلى البحرين ووجد العشب السحري وتوصل إلىالاعشاب السحرية التي أعطته سر الخلود . وقد حاول البعض الربط بين البحث عن الاعشاب السحرية وشجرة الحياة في المسيحية ولكن التفسيرات المسيحية تختلف فيقول سفر الأمثال الاصحاح الثالث طوبى للرجل الذي يجد الحكمة وينال الفهم ..... هي شجرة حياة لممسيكيها ، كما أن الحياة الأبدية نتيجة لأتباع التعليم فيقول في أمثال 11 ثمر الصديق شجرة حياة ، وتشير في سفر الرؤيا 22 إلى الكنيسة حيث يذكر شجرة الحياة التي بها اثنتي عشرة ثمرة أي التلاميذ ، وورقها لشفاء الأمم أي التعاليم التي كانت قد دونت في ذلك الوقت .
تطورت الكتابة العبرانية عن الهيروغليفية ثم الفينيقية ثم العبرية . وقد كتبت كل أسفار الكتاب المقدس في العهد القديم باللغة العبرية ولا يوجد سوى فروقات ضئيلة بين النصوص على مدار ألاف السنين وذلك لأن عنصر الدين ساعد على بقاء اللغة مفهومة ومتداولة بين الناس . وقد حدث أستبدال في نسخ لاحقة لأسماء بعض الأماكن ، فمثلا نجد أن في سفر التكوين الاصحاح 14 يذكر أن إبراهيم سار حتى دان ، وهو أحد أحفاد إبراهيم بعده بعدد من القرون، وقد أستبدلت النسخ الحديثة الاسم القديم ليشيم ، بالاسم الحديث دان ، وقد يذكر في بعض المواضع الاسمين القديم والحديث حيث يذكر في تكوين 23 وماتت سارة في قرية أربع التي هي حبرون في أرض كنعان.
الترتيب التاريخي لكتابات الكتاب المقدس
سلم موسى شعبه مئات من القوانين ، وقد كانت أولى هذه القوانين منقوشة على الحجر ، بالإضافة إلى التقليد الشفهي وقد تم تجميع التقليد الشفهي حوالي سنة 200 ميلادية فيما يعرف بالمشنا ، ويرجح أن الملك داوود قام في حوالي 1000 قبل الميلاد بتدوين الاجزاء التي تم الوحي بها ، طبقا للعقيدة المسيحية ، في ذلك الوقت .
تمت كتابة المزامير على مدار ألف سنة من 1489 قبل الميلاد حيث ينسب المزمور التسعون لموسى حيث يبدأ بـقوله صلاة لموسى رجل الله ، ثم تلى ذلك داوود وغيره من كتاب الصلوات الدينية ، وحتى بناء الهيكل الثاني 515 قبل الميلاد تقريبا ، المزامير 146 – 150 ، و أصبحت جزءا من العبادة الفردية والجماعية في اليهودية والمسيحية.
بعد السبي البابلي 597 – 586 قبل الميلاد تم تجميع أسفار الكتاب المقدس مرة أخرى بعد أن تم أجتياح أورشليم وتدمير الهيكل والمقدسات في السبي البابلي الثاني
الاسفار المفقودة في الكتاب المقدس بالإضافة إلى 39 سفرا في العهد القديم تم ذكر بعض الكتابات الأخرى وقد تكون من 6 إلى 23 سفرا أخرا ولكنها فقدت أو توجد أقتباسات منها ، وكانت تغطي التاريخ القديم لإسرائيل .
ترجمات الكتاب المقدس
بعد عودة الشعب اليهودي من السبي استخدم اللعة الارامية حيث كانت سائدة في الأماكن التي سبي إليها وكانت هناك حاجة لترجمة الكتب وبما أن الكتابات الدينية كانت مكتوبة بالعبرية ، أحدى اللغات من العائلة السامية ، فقد كانت هناك حاجة لترجمة أخرى ، تسمى بالترجوم وقد وجدت الكثير من هذه الترجمات في العصر المسيحي.
بعد وفاة الإسكندر الأكبر سنة 323 قبل الميلاد صارت الأراضي المقدسة ، إسرائيل وفلسطين حاليا ، تحت حكم بطليموس الأول ، وقد قام بطليموس الثاني 285 قبل الميلاد بعمل مكتبة الاسكندرية ، وفي زمنه قامت أعداد من اليهود بالهجرة من إسرائيل وقد عاشت في مجتمعات تتحدث اليونانية وبمرور الزمن كانت هناك حاجة لترجمة الكتب المقدسة إلى اللغة اليونانية وقد كانت تلك الترجمة السبعينية ، أولى ترجمات الكتاب المقدس.
وقد ظهرت في القرن الثاني الميلادي ترجمات يونانية جديدة لعلماء من اليهود مثل أكيلا ، وسيماخوس ، و ثيودوتون .
يقسم العهد القديم إلى نوعين من التقسيمات أولا التقسيم اليهودي من ثلاثة أجزاء : التوراة والأنبياء والكتابات ، ثم التقسيم البروتستانتي الحديث ويقسمه إلى التاريخ ، الشعر ، الانبياء .
كتابات الأبوكريفا
هي مجموعة من الكتابات التي لا يعترف بها المؤمنون ، كلمة أبوكريفا ، تعني مخبوئة ، وكتبت بين 300 قبل الميلاد و 400 ميلادية وقد اجتمع مجمع قرطاجنة 397 بعد الميلاد لتحديد الاسفار المعترف بها .
العهد الجديد
تم تناقل أحداث وتعاليم المسيحية في بدايتها شفاهة ، وفي خلال الثلاثين سنة التالية لصلب السيد المسيح وقيامته تمت كتابة الكتب المسيحية المعترف بها على يد معاصري السيد المسيح .
يعتقد أن أنجيل مرقس هو أول ما كتب من البشائر وتلاه كل من متى ولوقا ثم يوحنا.
في القرن الثاني الميلادي تم تجميع كتابات القديس بولس الرسول التي أرسلت إلى الكنائس المختلفة وتوزيعها إلى الكنائس جميعها ، وقد كانت الرسائل هي الطريقة المستخدمة لنشر التعاليم في ذلك الوقت .
الرسائل الجامعة
كتبت الرسائل الجامعة في الفترة من 40-95 بعد الميلاد.
الكتابات الغنوسية المرفوضة
كلمة غنوسية تعني معرفة ، وقد كانت تقول أن الناس تخلص بمعرفة سرية عن الأمور الروحية ، وليس بالإيمان بعمل الخلاص للسيد المسيح ، وقد ولد بعض الناس بهذه المعرفة والبعض بالقدرة على إدراك المعرفة ,بينما أخرون غير قادرون على إدراك المعرفة . وقد أحتوت الغنوسية على خليط من الأفكار من العديد من الديانات والفلسفات اليهودية والمسيحية والأساطير اليونانية وديانات مصر والخليج العربي. أعتقدت الغنوسية أن يهوة إله أقل من أخر وإن كل ما خلقه شر ، كما قالت أن المسيح كائن روحي ولم يصلب ولم يمت . وقد عاش الغنوسيين في حالتين متناقدتين أولا حالة من الزهد لإعتقادهم أن العالم شر وثانيا حالة من الانحلال الخلقي حيث رأوا أن العالم لا يمكن أن يؤثر على أرواحهم.
توجد الكثير من الكتابات الغنوسية التي تنسب لأدم ، وبطرس ، ويعقوب ، ويوحنا ، , أناجيل تنسب للمسيح ، مثل أنجيل الحق ، أنجيل فليبس ، أنجيل المصريين . كما تحتوي على بعض الاساطير المصرية القديمة.
المخطوطات المسيحية الأولى
يوجد 870 مخطوطة ترجع إلى القرن الأول للمسيحية تحتوي على كتابات مسيحية مختلفة ، والنسخ الكاملة من الكتاب المقدس ترجع القرن الرابع الميلادي وهما النسختان الفاتيكانية والسينائية ، ويرجح كتابتهما في حوالي 350 ميلادية .
الهكسابلا هي ترجمة للكتاب المقدس تمت في عام 245 ميلادية ، وتحتوي على مجموعة من الملاحظات الدراسية وتحتوي على 6500 صفحة ، وقد كتبها أوريجانوس وتحتوي على 6 أعمدة كل منها تحتوي على النص العبري للكتاب المقدس ثم ترجمات يونانية للكتاب المقدس ، ولم يتبق اليوم منها سوى بعض القصاصات ، وقد تم عمل نسخ وترجمات لأجزاء منها في فترة لاحقة ، وقد أختفت في القرن السابع في فترة غزو العرب للمنطقة .
بعض الكتابات الهرطوقية الأولى
أول قائمة للكتابات التي كانت تحاول الانتساب للمسيحية كانت معروفة في القرن الثاني هي قائمة ماركيون في عام 140 ميلادية ، وقد كان ماركيون من الهراطقة ، حيث أعاد كتابة رسائل القديس بولس لتجاري تعاليمه ، حيث كان يقول بوجود إله شرير خلق الطبيعة ، ثم جاء المسيح روحا نقيا في صورة بشر أرسله إله أعلى. وقد توفى ماركيون عام 160 ميلادية .
تلى ماركيون أحد السوريين ويدعى تاتيان وقد كتب في عام 170 ميلادية كتاب يسمى "توفيق الاربعة" ، "الدياتسترون" ، وقد أعلن تاتيان هرطوقي في القرن الرابع الميلادي .
قام في القرن الثاني كاهن وثني يسمى مونتانوس ، كان يعيش فرجيا في تركيا ، بالادعاء بأنه وصلته رسالة من الله وسجل نبواته وأدعى أن أورشليم السمائية ستنزل في تركيا ، وأستمرت حركته لعدة قرون.
إنجيل توما ويتحدث عن طفولة المسيح ويصورة كطفل قادر على عمل المعجزات ويستخدم قواه الخارقة للإنتقام ، ثم تعلم الخير في وقت لاحق .
كتابات رؤيا بطرس عن أخر الزمان .
رد فعل المسيحيين على الكتابات الهرطوقية
قام أوريجانوس في أوائل القرن الثالث بعمل قائمة للكتابات المستخدمة في ذلك الوقت تماثل ما هو مستخدم حاليا في الكتابات المسيحية ، ثم وضع قائمة ثانية غير متأكد ممن كتبها وتحتوي على رسائل العبرانيين ويعقوب وبطرس الثانية ويحما الثانية والثالثة ويهوذا ، ثم وضع قائمة ثالثة من الكتابات الغير معترف بها كأنجيل توما ، أنجيل المصريين ، أنجيل متياس.
أمر دقلديانوس بحرق الكتابات المسيحية في الفترة من 303-306 ميلادية ، إلى أن قام قسطنطين بإصدار مرسوم التسامح الديني عام 313 ميلادية فتحولت المسيحية إلى ديانة معترف بها . وأمر بنسخ 50 كتابا من الكتب المقدسة . وقد كان القديس يوسابيوس هو من أخذ الأمر من الأمبراطور وقد كان تلميذ بامفيليوس ، تلميذ أوريجانوس ، فأخذ بقائمة أوريجانوس وقام بإعداد النسخ .
والنسختان اللتان تعودان إلى نفس الفترة هما النسخة الفاتيكانية والنسخة السينائية .
القديس أثناسيوس
قام القديس أثناسيوس في خطابة للكنائس سنة 367 بتحديد الأسفار السبعة والعشرين المعترف بها اليوم وقد أعترف بها في مجمع قرطاج سنة 397 ميلادية ، ومجمع هبو 393 ، ومجمع قرطاج الثاني 419 ميلادية .
في الفترة بين 500 -1000 ميلادية قامت جماعة من أساتذة التراث العبري تسمى الماسوريين ، بمعني المعيار ، بإعداد نسخة دقيقة من العهد القديم .
الكتاب المقدس والعلوم الطبيعية
الكتاب المقدس هو كتاب عقيدة يحتوي على الفكر العقيدي والفلسفي المسيحي ، ولكنه ليس كتاب بحث في الفيزياء أو العلوم الأحيائية ، أما البحث في العلوم الطبيعية ، فله طبيعة مختلفة ، حيث أن الفكر العقيدي عن الخالق والملائكة والشيطان لا يمكن أن يتم تقديم عينة معملية عليه .
الكتاب المقدس باللغة القبطية
في العصور المسيحية الأولى كانت الكتابة المستخدمة في مصر هي صورة مبسطة من الهيروغليفية تسمى الديموطيقية ، ثم أضيفت إليها اليونانية لتكون الأبجدية القبطية ، وتم استخدام هذه الأبجدية في اللهجات القبطية الخمسة ، وقد تمت ترجمة العهد القديم حوالي سنة 200 ميلادية إلى اللهجة الجنوبية ، الصعيدية ، ثم إلى اللهجة الشمالية .